الجمل الناري

بسم الله الرحمن الرحيم

حديثنا اليوم عن الآيتين 7:40 (الأعرف) و 77:33 (المرسلات) وبالأخص الكلمتين “الجمل” و “جملت”.

7:40 إن الذين كذبوا بءايتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبوب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل فى سم الخياط وكذلك نجزى المجرمين
77:33 كأنه جملت صفر

حسب التفاسير القديمة نجد أن السلف فهم هتين الكلمتين على أنهما الحيوان المعروف بإسم “الجمل”. وحتى في الترجمات المختلفة للقرءان نجد ووللأسف هذا التعريف الذي أدى للحيرة والتساؤل عند القراء: ما هي العلاقة بين الجمل وثقب الأبرة ؟ أو كيف تأخذ النار والشرر شكل الجمال ؟

بالطبع كلمة “جمل” ليس لها دخل بهذا الحيوان ولم تأتي في القرءان أو تدل عليه بأي شكل من الأشكال فهي تعني حسب مشتقها “جَمَلَ”: كل ما تم جمعه ورصه ليألف كتلة واحدة متكاملة, حسب ورودها في الآية 25:32 (الفرقان):

25:32 وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرءان جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلنه ترتيلا

بجانب ذلك فالجملة هي أيضا مجموعة من الكلمات التي تم وضعها في قالب بتناسق لغوي لتعطينا المفهوم الذي نريد به أن نصف شيئا ما. وكذلك كلمة “جمال” أو “جميل” فهو الشيء الذي تناسقت أعضاؤه ليصبح مكتمل من جميع نواحيه. ولو ألقينا نظرة في معجم الرائد للغة والإعلام لوجدنا أن كلمة “جُمل” بضم الجيم تعني الحبل الغليظ الملتف. وسبب هذه التسمية هو أنه مؤلف من مجموعة من الألياف أو الخيوط التي تم حزمها ولفها لتصبح جملة واحدة.

والأن لنقرأ مرة ثانية الآيات التي أدرجناها في الأعلى ونقارن المفاهيم:

حتى يلج الجمل في سم الخياط” نلاحظ أن كلمة “الخياط وردت أيضا في سورة البقرة, الآية 187 (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) وهي تدل على الشيء الرفيع الصعب رؤيته إلا في حال تركيز البصر عليه. والخيط (جمع: خيوط) هي ما نستخدمها لخياطة الملابس لسبب رفعها الذي ينساب بسهولة في الأقمشة. و “سم الخياط” هي الثقب الذي لا يمر به إلا خيط واحد, فكيف لنا أن نجعل مجموعة من الخيوط الملتفة تخترق هذا الثقب.

كأنه جملت صفر“, بالتأكيد ليس الجمل (الحيوان) هو المقصود بهذه الآية, فكما نعلم أن جمع كلمة “جمل” هي “جمال” وليست “جملت”. فالله يعطينا في هذه الآية وصف لأشكال لم تكن معروفة في السابق, وقد بين العلم الحديث من خلال الصور التي تم أخذها للشمس بأن الشرر الذي ينبعث منها له أشكال الحبال الملتفة الصفراء اللون:

http://www.youtube.com/watch?v=dVCe5elYvu0

الحمد لله رب العلمين