قريش ورحلة الشتاء والصيف

بسم الله الرحمن الرحيم

لقد ورد إسم قريش في القرءان الكريم, في السورة رقم 106 وهي من السور الصغيرة والتي من الصعب فهم مدلولاتها وفي الأخص علاقة قبائل قريش برحلة الشتاء والصيف, هذا لو ترسخ في عقولنا أن المقصود بكلمة “قريش” القبائل التي أتى من صلبها النبي محمد حسب ما يذكره التاريخ لنا, وأنها كانت قبل الإسلام متفرقة ومتناحرة وفيما بعد تم توحيدها تحت راية الإسلام لتصبح قبيلة واحدة. ولكننا نعتقد بأن هذا المفهوم قد يكون أحد أسباب تسميت القبائل العربية الموحدة والتي كان عددها يفوق العشرون قبيلة بلقب “قريش”, أي من بعد توحيدهم وليس قبل ذلك, لأن هذه الكلمة لها في اللسان العربي معنى يدل على الوحدة من بعد التفرقة. ولو نظرنا في المعاجم العربية سنجد الفعل الثلاثي “قرش” بمعنى

‘ق ر ش’ وَتَدُورُ حَوْلَ: -الجَمْعِ
والْمُقَرِّشَةُ هِىَ السَّنَةُ الْمَحْلُ الشَّدِيدَةُ
قَرَشَ الشيءَ قَرَشَ ِ قَرْشًا : جمعه من هاهُنا وهاهُنا وضمَّ بعضَهُ إِلى بعض .
قَرَّشَ لِعِيَالِهِ : غَنَمَ ، اِكْتَسَبَ
انظر المعجم المعاني

كذلك العملة النقدية “قروش” التي تكون متفرقة أو مجتمعة في ورقة واحدة كالدينار (100 قرش).

وكما نلاحظ أن هذه الكلمة ليست حجرا كإسم لقبيلة معينة بل لها معنى قد يعطينا إشارة على إرتباطها بدورة السنة الشمسية بما أن الآية الثانية من هذه السورة تذكر لنا الشتاء والصيف وهي فصول سنوية وليست لها دخل بأي قبيلة بالذات أو بالدورة القمرية.

ألأنالمة (Analemma)

من قبل أن نكمل علينا توضيح معلومة علمية عن ما يسمى بـ “أنالمة”.

الصورة الأولى هي مجموعة من الصور أخذت للشمس على عدة مراحل في السنة من نفس المكان وفي نفس التوقيت الوسطي أي حسب الساعة الآلية, وهي توضح مواقع الشمس في السماء على عبور السنة الشمسية الكاملة وقد لقب هذا المخطط بـ “الأنالمة“. وبما أن حركة الأرض بالشكل الهندسي المسمى بـ “القطع الناقص” أو “إهليلج” لهذا نراها هاهنا بهذا الشكل السطحي. ونلاحط بأن الشمس تأخذ مدارا لها على شكل رقم 8 الذي يمثل الحركة اللا متناهية وفي وسطها تقريبا تتواجد نقطة التلاقي التي تحصل مرتين في السنة أي حين الذهاب وحين الإياب.

فالشمس كما نراها في الصورة تصعد (من الأسفل الجهة اليمنى) تدريجيا من رحلتها الشتوية, حيث تكون ساعات الليل أطول من ساعات النهار حتى تصل الى المنتصف تقريبا, أي عند نقطة الإئتلاف (الإعتدال الربيعي, 20/21 مارس) وحيث تصبح ساعات الليل موازية لساعات النهار. ومن بعدها تدخل الشمس في رحلتها الصيفية وتصبح ساعات النهار أطول من ساعات الليل حتى تصل الى حدها الأقصى (الأنقلاب الصيفي 20/21 يونيو) فتبدأ بالتراجع حتى تصل الى نقطة الإئتلاف مجددا (الإعتدال الخريفي , 22/23 سبتمبر) وهنا تعتدل ساعات الليل والنهار للمرة الثانية في السنة. ومن بعدها تبدأ رحلة الشتاء فتنخفض وتقل ساعات النهار حتى تصل الى أدنى حد لها (الأنقلاب الشتوي 21/22 ديسمبر). أنظر الجدول في صفحة فيكيبديا

الصورة الثانية توضح الحركة الإهليجية للشمس من الأعلى ومواقعها حسب أشهر السنة الشمسية. وقد يختلف هذا الشكل الشبيه بالرقم 8 بعض الشيئ حسب المنطقة التي أخذت منها الصور لتكوين المخطط النهائي للأنالمة.

هذه الحركة للشمس أو بالأحرى حركة الأرض نسبة للشمس هي من وضع الخبير العليم لنا. فمن دونها لن يكون هناك فصول للسنة ولن تكون هناك أي مواسم زراعية نقتات فيها من رزق الله الذي لا يحصى (الذي أطعمهم من جوع) وبهذا لن يكون هناك إختلاف الليل والنهار. هذا حتى نفهم بأن الله سخر لنا هذه الأمور من رحمته بنا, فاعتبروا يا أولي الأبصار.

106:1 لإيلف قريش
106:2 إلفهم رحلة الشتاء والصيف
106:3 فليعبدوا رب هذا البيت
106:4 الذى أطعمهم من جوع وءامنهم من خوف

ملخص

كلمة “قريش” حسب فهمنا لهذه السورة وحسب المفهوم المتعارف عليه قديما وذكرته المعاجم العربية هي الشيئ الذي في حالة إفتراق وإئتلاف دائمة. وهي هاهنا رحلة الشمس من دورتها الشتوية لتدخل في دورتها الصيفية ثم تنتقل من بعد إنتهائها لترجع الى دورتها الأولى مكونة بذلك دورتين مختلفتين مرتبطتين في نقطة واحدة. وهتين الدورتين هما السبب في إختلاف المواسم والمسؤولة عن نشأة ونمو النباتات والحيوانات. والحقيقة هي أنه لا يوجد شيء أسمه قبيلة قريش بل الكلمة تعني: كل ما أمكن تحليله الى جزيئيات أو جمعه الى وحدة. كذلك أيام السنة فهي عبارة عن 365 جزيئا مجتمعة في السنة الشمسية الواحدة. والسنة مقسمة الى نصفين, نصف شتوي ونصف صيفي, ونقطة الربط بينهما أي حين يتألفا هي الربيع والخريف (أنظر التواريخ في الأعلى).

أما الآية الثالثة “فليعبدوا رب هذا البيت” هي أمر لجميع من دخل في دين الإسلام وليست لقبيلة معينة كما يظن كثيرا من الناس.

ونحن نكتفي لهذا الحد في محاولة فهمنا للسورة الكريمة ولكن لو أردنا التمعن أكثر بها سنكتشف بإذن الله نقاط أخرى عديدة تعطينا علامات أخرى لها أهميتها.

مكان البيت؟

الملفت للنظر في الآية 106:3 هو ذكر “البيت“. فما دخل البيت بالذات وهل هناك دلالة على موقع البيت الأول الذي وضع للناس والمتواجد في بكة؟

3:96 إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا وهدى للعلمين

من المؤكد أن هذه الآيات تعطينا علامات عن مكان البيت أو المنطقة الملقبة بـبكة لكننا في الحقيقة نستفقد العلوم الكافية لقياس المسافات بدقة, وقد حاولت هنا إستخدام المعطيات المتواجدة في الإنترنت وسأحاول إن شاء الله إعطاء الآيات التي قد تساعد الباحثين في هذا الأمر والتي من الممكن أن تقربنا للحقيقة بإذنه تعالى.

لقد قلنا أن الآية 3:96 هي أول إشارة نسترشد بها أن مكان البيت هو في بكة. والإشارة الثانية هي الآية 87 من سورة يونس التي تتكلم عن البيوت وعن القبلة:

10:87 وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلوة وبشر المؤمنين

والأن لو حسبنا الآيات من 3:96 حتى 10:87 فسيكون الناتج 1061 آية بالضبط. وهذه دلالة على الآية 106:1, أول أية من سورة قريش!

النحل

وهناك آية أخرى شبيهة الى حد ما بالآية 10:87 لكنها تتكلم في هذه الحالة عن النحل:

16:68 وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذى من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون

لاحظ العلاقة بين الآيتين
أوحى الى موسى وأخيه = أوحى الى النحل
أن يتخذوا بيوتهم قبلة = أن يتخذوا الجبال بيوتا

لكن قد يتساءل البعض ما دخل النحلة بتبيان المسافات والقياس؟

المعروف علميا عن النحل بأن لديه لغة خصصها لهم المولى عز وجل ليرشد بعضهم بعضا عن الأماكن التي يوجد بها غذاء, وهذه اللغة هي عبارة عن رقصة ملقبة بـ “الرقص المتأرجح” (Waggle Dance) تقوم به النحلة حين تجد مكان غذاء جديد أو خلية جديدة في حال هدمت خليتهم القديمة. فهي من بعد إيجادها للغذاء تطير راجعة الى إخوتها وتبدأ بالرقص أمامهم بشكل رقم 8 (قارن في الأعلى: رحلة الشتاء والصيف وشكل الرقم 8).

ومن خلال هذه الرقصة يتبين إخوتها ليس فقط إتجاه مكان الغذاء وحسب بل المسافة أيضا ونوعية الغذاء. فهي تبدأ بالدوران على شكل رقم 8 وعند نقطة الإئتلاف تبدأ بالتأرجح مبينة بذلك إتجاه مكان الغذاء نسبة للشمس والمسافة من خليتها حتى هذا المكان مقاسة بالثواني. فكلما إزدادت نقطة الإئتلاف لها إزدادت معها المسافة. فسبحان الذي أوحى لها هذا.

تكملة…….

والظاهرة الثانية في هذا البحث هي, أننا لو إستبدلنا الصفر (0) بنقطة (.) من العدد 1061 فستظهر لنا النسبة الذهبية 1.61 والغريب أن هذه النسبة تدل وللمرة الثانية على سورة النحل ورقمها 16 الآية 1 = 161. فهل للنسبة الذهبية أي علاقة بقياس المسافات؟

لنأخذ على سبيل المثال المسافة من القطب الشمالي حتى القطب الجنوبي والتي تساوي 19.352,55 كم حسب المعطيات لخرائط صفحة غوغل ولو أردنا إستخراج النسبة الذهبية لهذه المسافة فستكون النتيجة تقريبيا: أ=7.391.77, ب=11.960.78. ولو حسبنا من القطب الشمالي حتى 7.391.77 كم إتجاه الجنوب فسنجد أنفسنا في سيناء تحت منطقة العقبة (أنظر قياس المسافة). هذه المنطقة بالذات أكدها العالم سيمخا ياكوبيفيتش في بحثه عن طور سيناء والتي أيدها ببراهين أثرية عديدة. بإمكتنك رؤية الفيلم الوثائقي له:

http://www.youtube.com/watch?v=o-Dq1khdjC0

لكن هل لطور سيناء إي علاقة بالبيت؟

الغريب في الأمر أن هناك سورة كاملة في القرءان ملقبة يهذا الأسم (سورة الطور رقم 52) وفي الآية الرابعة نجد ذكر البيت مجددا:

52:1 والطور
52:2 وكتب مسطور
52:3 فى رق منشور
52:4 والبيت المعمور

لا أقدر أن أجزم كليا إن كان هذا الترابط حقيقة نقدر الأخذ بها كمعيار. والمشكلة الأكبر أننا ما زلنا نتخبط بأفكارنا ما بين التراث والتاريخ من جهة وبين ما يتكلم به القرءان من جهة أخرى. وأكثر الآيات تحدثنا عن “جانب الطور الأيمن” عند “البقعة المباركة” المكان الذي أنزلت به التورىة, حيث كلم الله نبيه موسى, المكان القريب من مدين حيث بقي موسى 8 حجج ينتظر, والواد المقدس طوى… فجميع هذه الأماكن لا تصب في المنطقة الملقبة اليوم بـ “مكة السعودية”.

الحمد لله رب العلمين