بسم الله الرحمن الرحيم
عندما كنت اتحاور مع صديقي الطالب في كلية الطب عن ما قاله العلم وما اتى به القرءان من امور الدنيا وبالأخص عن موضوع القلب بأنه العضو المميز في جسم الانسان وانه الية التعقل لدينا كاد الرجل يفقد صوابه واتهمني بأني اخذ القرءان بالحرف والكلمة دون النظر لخلفية الامور وتصورها المجازي. بالطبع هناك الكثير ممن يعتقد ان الامثال القرءانية هي ضرب من المجاز الذي له فهم مختلف عن الصورة التي وضعها الله عز وجل لنا في كتابه الكريم. لكن هذه الصور قد تم توضيحها لنا في الامثال كالعبارة “ضرب لكم مثلا” أو في حال وضع حرف الكاف المبين ان الاية تمثل صورة مقربة لذهننا “كماء انزلناه من السماء”. أما الامور التي تشرح لنا نوعية الطبيعة ومنها نحن فهي مركزة ليست بحاجة لمن يأولها على مفاهيم مختلفة.
لدينا العديد من الايات التي تتكلم عن القلب وعن وظيفته بتعقل امور الدنيا. عندها يتساءل البعض كيف يتمكن هذا العضو في داخل الانسان من ادراك ما يدور حوله واصدار الاوامر التي هي نتيجة التفكر المرتبط بالدماغ؟ أم ان كلمة “قلب” لها معنى آخر نستنبطه من جذر الكلمة (كما يعتقد بعض مفسري القرءان اللغويين) وحسب الفعل الصادر منها. للأسف الكثير بدأ بتغير المفاهيم القرءانية لأسباب التناقض العلمي حسب رأيهم والافكار التي بناها الطب في القرن العشرين بوصف القلب “مضخة الدم” المجردة من اي ذكاء والتي تتصرف حسب اوامر الدماغ لها.
القرءان الكريم ذكر لنا أن اول علم وصل للأنسان هو تسمية الاشياء (وعلم ءادم الاسماء كلها) التي نراها او نحسها بحواسنا وبعد عملية التعرف عليها استمد الانسان العمليات المرتبطة بها اي الافعال اخذا بهذه الاسماء. وبهذا نستنتج بأن كلمة “قلب” هي الدلالة الاصل للجذر وليس الفعل كالتقليب أو الانقلاب.فالقلب الذي في صدر الانسان تم تعريفه وايضاحه لنا من خلال ايات الله:
مركز التعقل هو القلب الذي في الصدر
22:46 أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو ءاذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصر ولكن تعمى القلوب التي في الصدور
التفقه من القلب
7:179 ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم ءاذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعم بل هم أضل أولئك هم الغفلون
6:25 ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي ءاذانهم وقرا وإن يروا كل ءاية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاءوك يجدلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أسطير الأولين
7:176 ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم ءاذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعم بل هم أضل أولئك هم الغفلون
“على قلوبهم أكنة أن يفقهوه” فمنهم من تتحدث معه وقلبه ليس معك ودماغه مشغول بأمور الدنيا مثله كمثل الإنسان الذي يصلي دون خشوع.
الأمراض النفسية في القلب
2:10 في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون
الألفة والمحبة من القلب
3:103 واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخونا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم ءايته لعلكم تهتدون
8:63 وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم
الإطمئنان في القلب
3: 126 وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم
الرعب والوجل في القلب
3:151 سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطنا ومأويهم النار وبئس مثوى الظلمين
8:2 إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم ءايته زادتهم إيمنا وعلى ربهم يتوكلون
الحقائق تكمن في القلب
3:167 وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعنكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمن يقولون بأفوههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون
4:63 أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا
“يقولون بأفوههم ما ليس في قلوبهم” فالحقيقة تكمن في القلب ولكنهم يقولون ما هو موجود في رؤوسهم وعقولهم وليست في قلوبهم.
الايمان في القلب
5:41 يأيها الرسول لا يحزنك الذين يسرعون في الكفر من الذين قالوا ءامنا بأفوههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سمعون للكذب سمعون لقوم ءاخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيءا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الءاخرة عذاب عظيم
التفكر بأمور الدنيا والآخرة
وماذا عن المعروف لدينا بالتفكير وتقدير الامور, هل لهما علاقة بالقلب أم انهما ناتجين من الدماغ وتحاليله؟
التفكر في النفس
30:8 أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السموت والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثيرا من الناس بلقائ ربهم لكفرون
3:191 الذين يذكرون الله قيما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموت والأرض ربنا ما خلقت هذا بطلا سبحنك فقنا عذاب النار
التفكير والتقدير
74:18 إنه فكر وقدر
74:19 فقتل كيف قدر
74:20 ثم قتل كيف قدر
74:22 ثم عبس وبسر
74:23 ثم أدبر واستكبر
74:24 فقال إن هذا إلا سحر يؤثر
أول عضو يتكون للأنسان في رحم المراءة هو القلب
……. في الاسبوع الثالث يتكون للجنين قلب ينبض شبيه بحرف s الذي ما يزال لم يقسم الى غرف وقنوات كما هي تركيبة القلب المكتمل. وهذا القلب الصغير ينبض بسرعة ضعف قلب الام وبهذا يكون له دورة دموية خاصة. ومن بداية الاسبوع الرابع تبدأ بنية الجهاز العصبي بما فيها نكون الدماغ حتى الاسبوع الثامن حيث تتبين معالم خلايا الدماغ والاعضاء الاخري كاليدين والقدمين والاذن الخ
(ترجمت من الالمانية) http://www.alfa-ev.de/fileadmin/user_upl…ologie.pdf
خلايا القلب هي الخلايا الوحيدة في الجسم التي تنبض بمعلومات متبادلة من خلال القوة المحركة الكهربائية للحياة. فهي تبعث نبضات الحياة عند كل خفقة لها لجميع الخلايا الآخرى في الجسم.
وقوة القلب المغناطيسية هي 5000 مرة أقوى من قوة الدماغ والشحنات الكهربائية الناتجة منه أقوى ب 60 مرة من الدماغ. فالقوة الكهرومغناطيسية للقلب أضعاف الدماغ بكثير.
القلب لديه جهاز عصبي خاص به (العقل في القلب) وهو يبعث بمعلومات للدماغ عبر ما يسمى afferent neural signals.
نبضات القلب هي عبارة عن موجات متناسقة وظيفتها هي إبقاء جميع الأنظمة في جسم الإنسان في إنسجام وفعالية بتأدية وظائفها وهي ما تسمى بتوافق الجسم مع القلب, هذا يعني أن الجسم يتماشى حسب حركة القلب. أما إذا خرج القلب عن إنسجامه وصدرت منه موجات غير متناسقة فسيكون لها تأثير سلبي على الجسم وعلى الدماغ خصوصا. هذه الموجات الغير متناسقة تحصل في حالات الخوف, الخيال السلبي, الغضب, الشك, الحزن أو الإحباط وهي السبب الذي يجعل الدماغ غير قابل على التفكير وقياس الأمور بشكل صحيح.
القلب هو ألية الإنسجام الكلي للجسم والعقل وهو الذي يغير مجرى حياة الإنسان للأفضل أو الأتعس لأنه يعطي العقل الإتجاه الذي يحدده وهو أيضا عقدة الوصل بين الجسم المادي والروح وبهذا يكون أهم عنصر في حياتنا.
لذلك نقول لكم حافظوا على قلوبكم بعمل الخير والإحسان والمحبة عسى أن نأتي ربنا بقلوب سليمة إن شاء الله.